أخبار الجبهةاخبار لبنان
النظام والناس والمطحنجي
عمر عبد القادر غندور/ عضو قيادة جبهة العمل الاسلامي في لبنان.
منذ العام ١٩٤٣ والشعب اللبناني يكتوي بنظامه الذي يقوم على مبدأ الفصل بين السلطات بالتفاهم مع “القبائل” اللبنانية، ولا تفاهم الا على الحصص والريعيات !! وقد بُني هذا النظام على تقديس المبادرة الفردية والملكية الخاصة بقيادة اصحاب النفوذ والقطاع المصرفي، ويتناوش هذا النظام خمسون وظيفة تبدأ برئاسة الجمهورية وتنتهي بالمقامات، واي مقاربة بهذه المقامات يعني الوقوع بالفتنة وسفك الدماء .
وبرغم كل هذه البلايا والرزايا، مازال الكثير من اللبنانيين يكذبون ويكذبون حتى ضجّ الكذب من نفاقهم !!
وفي هذا السياق نذكر بحكاية لبنانية حصلت في سالف الزمان :
يُحكى انه كان لاحد امراء لبنان مطحنة ولّى عليها “مطحنجي” وكان هذا المطحنجي واسع الذمة، فيستوفي عن كل مدّ قمح “تمنية” طحين (التمنية هي مكيول يعادل جزءا من ثمانية اجزاء من المد وسميت تمنية)
وتنبه بعض الناس الذين يقصدون المطحنة ان المطحنجي يكيل القمح قبل طحنه يصاع اصغر حجما، ثم يستوفي الاجرة طحينا بتمنية اكبر حجما.
فسرت بين الناس موجة من التذمر بلغت مسامع الامير فبادر الى ابدال المطحنجي بمطخنجي اخر.
واذا بالمطحنجي الجديد ينهج نهج سلفه فيتعالى الهياج فبادر الامير حالا الى ابداله بمطحنجي اخر، وبقي الصاع وبقيت التمنية والاصول المرعية حتى ضجت الرعية، فألفوا وفدا لمقابلة الامير وعرض الامر عليه و التظلم لديه.
وقبل ان يستقر المقام بالقادمين، عاجلهم الامير بقوله : ” المطحنة مطحنتكم ولا تهمنا الا مصلحتكم وقد ابدلنا اولئك الحرامية من المطحنجية حرصا على المصلحة الوطنية، واذا كان من يتولى المطحنة حاليا على “قد خاطركم” ابدلناه بسواه حتى يأخذ الحق مجراه”
فقالوا : ” ولكن طال عمرك سيدنا، لان العلة ليست بهؤلاء المطحنجية بل بالصاع والتمنية”
فصاح الامير بهم : ” كفى الصاع صاع الامارة والتمنية تمنيتها، ولا اقبل ان يتطاول احد على نظام الدولة وقوانينها”