خرجت القمة العربية الابرز منذ رحيل الرئيس جمال عبد الناصر بتوجهات تبعث على الامل بغد عربي افضل بعد سنوات عجاف في وقت يشهد فيه العالم تحولات كبيرة تؤسس لعالم متعدد الاقطاب بدل القطب الاحادي الواحد الذي كان قاسيا جدا وشهد زرع دولة غريبة في قلب الوطن العربي اسمها “اسرائيل” ، التي فتكت في الدول العربية وبعثرتها وافقرتها وحوّلتها الى شراذم متقاتلة ما زلنا نعاني مرارتها !!
وكان مريحا وباعثا للامل، ان يؤكد ملوك ورؤساء الدول العربية في افتتاح القمة العربية الثانية والثلاثين التي انعقدت في المملكة العربية السعودية في كلماتهم على مركزية القضية الفلسطينية على رأس الاولويات العربية ومناصرة نضال الشعب الفلسطيني المظلوم داخل وخارج فلسطين لتحرير ارضه ومقدساته، وهو اضعف الايمان .
جاء ذلك في 32 بندا تلاها رئيس القمة الامير محمد بن سلمان ولي العهد السعودي الى جانب البنود الاخرى الحرب في السودان والالتزام بوحدة ليبيا وانهاء مأساة اليمن والترحيب خاصة بالرئيس السوري بشار الاسد وضرورة استعادة سورية لجميع اراضيها. والطلب من تركيا سحب جيشها من الاراضي السورية.
وقد رحب الرؤساء العرب بوجود الرئيس السوري وكان اشبه بعريس المؤتمر. اما الشأن اللبناني في مقررات القمة فكان مقتضبا وحث الاطراف اللبنانية على مواصلة الجهود لانتخاب رئيس للبلاد وتشكيل حكومة بأسرع وقت ممكن وتفعيل التعاون واجراء الاصلاحات الاقتصادية للخروج من الازمة.
وكان لافتا القاء الرئيس الاوكراني زيلنسكي كلمة في المؤتمر، وكان ذلك للاعلان عن الحياد في الصراع الاوكراني والروسي وتشجيع المحاولات للوصول الى التفاوض والحل السلمي… وفي السياق ذاته تلقى مؤتمر القمة العربي رسالتي تضامن من الرئيسين الصيني والروسي.
وبالعودة الى الشأن اللبناني، قال رئيس الوفد اللبناني نجيب ميقاتي في كلمته ان النزوح السوري الى لبنان اكبر من طاقة لبنان للتحمل من حيث البنى التحتية والارتدادات السياسية والاقتصادية، وحق النازحين بالعودة الى بلادهم ونتطلع الى لفتة رعائية كريمة من المملكة العربية السعودية ليتمكن لبنان من النهوض من جديد.
وصحيح ان الفقرة الخاصة بلبنان والواردة في مقررات القمة كانت مقتضبة، ولكنها كانت معبرة وكافية وموجهة للافرقاء اللبنانيين للتفاهم ونبذ المكائد والاختلاف لانتخاب رئيس وتشكيل الحكومة، كشرط للفوز بالمساعدات والدعم السخي وخاصة من المملكة العربية السعودية.
ولذلك على اللبنانيين كل اللبنانيين ان يتوصلوا الى المساحات المشتركة، وخاصة اولئك الذين لا يقرأون التحولات الكبرى وعلى رأسها المصالحة السعودية الايرانية التي باركها الرؤساء والملوك العرب، وبالاخص اولئك الذين تسلقوا اعلى الشجرة ومنهم رئيس القوات اللبنانية سمير جعجع ، “كثير الاخفاقات”، والذي قال في مقابلة تلفزيونية مع جورج صليبا على القنال “الجديد” في 23 من نيسان الماضي وبالحرف: سورية واقعة في الحضن الايراني دون رجعة ونظام بشار الاسد جثة على رأس نظام زائل ولن يحضر القمة العربية في السعودية وبشار الاسد جثة سياسية لا مثيل لها ، ودول الخليج تتعامل مع هذه الجثة نظرا لعدم وجود طريق اخر وان رئيس النظام السوري لن يحضر الى القمة العربية في جدة بل سيحضر وزير خارجيته بصفة مراقب !!
ومثل هذا الاحباط المريع عبرت عنه صحيفة الفايننشال تايمز البريطانية الصادرة اليوم وقالت فيه : ” وجود القمة العربية رسالة مرعبة للمعارضة السورية” ويقول الله سبحانه وتعالى : “إِنَّ اللَّهَ لَا يُصْلِحُ عَمَلَ الْمُفْسِدِينَ (81) يونس”