لم تنل الإخفاقات الفرنسية السابقة من عزيمة الفرنسيين الراغبين حقا في مساعدة لبنان ابتداء من انتخاب رئيس للجمهورية.
وتقول التسريبات ان زيارة المبعوث الرئاسي الفرنسي لورديان الاخيرة في ايار الماضي اجتمع الى الرئيس نبيه بري الذي نصحه باستثمار علاقاته الجيدة بأصدقائه السعوديين والطلب منهم المساعدة في تهيئة الأجواء المناسبة لانتخاب رئيس للجمهورية وفق صيغة تحاورية تبدأ بالحوار . وعندما وصل لودريان الى الرياض ظن السعوديون ان الموفد الفرنسي يحمل جديدا يساعد اختراق الازمة اللبنانية المستعصية وتبين لهم ان الزائر الفرنسي لا يحمل اي جديد ، بينما لا تبدو الولايات المتحدة في عجلة من أمرها وامر لبنان ، وان اقصى ما يهمها عودة المستوطنين الصهاينة الى شمال فلسطين ونقطة على السطر .ولا يبدي سفراء اللجنة الخماسية “اي اهتمام ” يشير الى تقدم ما بهذا الخصوص ، بينما الداخل اللبناني يواصل مناظراته واتصالاته ومقابلاته وكأن “الطبخة” باتت جاهزة رغم موقف القوات اللبنانية المتمسكة بالذهاب الى انتخاب رئيس للجمهورية قبل البحث في اي امور أخرى ، وكل المعطيات تشير الى ان ما اشيع من مناخات تفاؤلية غير صحيح.
ويقول احد السياسيين المخضرمين ان كل المحاولات التي تقوم بها اللجنة الخماسية ستكون بلا جدوى طالما انه لا حوار ولا قرار جدي محلي ولا دولي لانتخاب رئيس للجمهورية في المدى المنظور ومتى وجد هذا القرار ستتم بلجنة خماسية او بدونها، قبل توقف الحرب على غزة.
وتقول الوقائع على الأرض : لا يملك اي من الفريقين القدرة على انتخاب رئيس من دون التوافق والتفاهم والتحاور مع الاخر، مهما كان حجم هذا الأخير ، والدستور ينص على ضرورة أن ينال الرئيس المنتخب ثلثي اصوات النواب في الدورة الأولى والاكثرية العادية في الدورات التالية.
وتتفق كل القوى السياسية على تفسير الدستور الذي ينص على ضرورة ان ينال الرئيس المنتخب ثلثي الاصوات.
وليس ما يحصل اليوم ليس بجديد ، بل هو الفراغ الخامس منذ الاستقلال عام ١٩٤٣. وحصل الفراغ الاول في ١٨ ايلول ١٩٥٢ وكان الاقصر بعد استقالة الرئيس بشارة الخوري والفراغ الثاني مع انتهاء ولاية الرئيس امين الجميل وامتد من ٢٣ ايلول ١٩٨٨ الى ٥ تشرين الثاني ١٩٨٩ ، والفراغ الثالث امتد من ٢٣ تشرين الثاني ٢٠٠٧ الى ٢٥ ايار ٢٠٠٨ بعد انتهاء ولاية فخامة الرئيس اميل لحود والفراغ الرابع كان بعد انتهاء ولاية الرئيس ميشال سليمان. والمرة الخامسة تمثلت بانتهاء ولاية العماد ميشال عون ومازلنا فيها.
ولذلك على الجميع ان يدرك ان السبيل الى انتخاب رئيس جديد اليوم لم يتم في الماضي ولا بالحاضر الا بالتحاور والتفاهم الذي يدعو اليه الرئيس نبيه بري.
وللعبرة منذ العام ١٩٢٠ ابرم اللبنانيون جملة تسويات بدأت بميثاق ١٩٤٣ الذي وزع السلطات بين الطوائف ، ومع انطلاق المقاومة الفلسطينية وقعت صدامات بين الجيش والفلسطينيين انتهت بالاتفاق على “اتفاق القاهرة” وفي العام ٢٠٠٦ اطلق رئيس مجلس النواب نبيه بري دعوة للحوار وادت الى تفاهم قوى ١٤ اذار و ٨ اذار وفي عام ٢٠٠٧ قررت فرنسا الدخول على خط الخلافات اللبنانية وفي عام ٢٠٠٨ بلغت التوترات مداها واعادت الى الاذهان الحرب الاهلية ولم تنته احداث ٧ ايار الا بتسوية الدوحة. وهناك شبه اجماع في لبنان والخارج الى عقم اجتماعي لا تهدأ مفاعيله الا بالحوار والتفاهم !!
ومنذ ذلك الوقت حكمت التوترات هذه المرحلة التي شهدت اعادة توزيع الحصص والمواقع والاحزاب والمحاصصات ومازلنا على هذا المنوال، ووجد الكثير من اللبنانيين الحل بالهجرة حتى وصلنا الى ما نحن عليه اليوم
وما زلنا غير متفقين !!!