ملّ الشعب اللبناني من الحديث عن أسعار اشتراك المولدات، وعن المافيات التي شكلها بعض هؤلاء المدعومين من شخصيات سياسية وأمنية، فمؤخّراً لم يعد الحديث عنهم مفيداً بعد أن أصبحت وزارة الطاقة تكتفي بإصدار جدول تسعير الكيلوات الشهري، ووزارة الإقتصاد تكتفي “بالنقّ” لعدم تمكنها من مراقبة الجميع، لكن لا يمكن أن يكون هذا الأمر مبرراً للسكوت عن تجاوزاتهم الكبيرة بحق اللبنانيين.
في 28 شباط الماضي أعلنت وزارة الطاقة والمياه في بيان صدر عن مكتبها الإعلامي أن السعر العادل لتعرفات المولدات الكهربائية الخاصة من شـهر شباط هو 27677 ليرة لبنانية، أي ما يُساوي 34 سنتاً على أساس سعر الدولار الثابت منذ أيام على 80 ألف ليرة، فالتزم البعض ولم يلتزم البعض الآخر، ففي مناطق في بيروت، يختلف السعر من حي لآخر، فواحد يلتزم بسعر الوزارة التي يؤكد أنه مربح للمصلحة، وآخر يزيد الثمن، بحجة الخسارة.
أغلب أصحاب المولدات يسعرون بالدولار، رغم كل التحذيرات السابقة لهم، لكن لا حياة للدولة، ففي حين يبلغ السعر الرسمي حوالي 34 سنتاً، في بيروت تتراوح الأسعار بحسب جولة لـ”النشرة” ما بين 45 و55 سنتاً، تُقبض بالدولار، وبحال أراد المواطن الدفع بالليرة، فيتم اعتماد سعر أعلى من سعر السوق بحوالي 500 ليرة، بحجة حماية قيمة المبلغ.
ارتضى المواطنون في بيروت واقعهم هذا، لكن في أحد أحياء خلدة يختلف المشهد، فصرخة المواطنين ارتفعت بعد أن بات صاحب المولدات في تلك المنطقة يتصرف وكأنه “نبيّ” مُنزل من سماء، فبحسب معلومات “النشرة” فقد سعّر الرجل الكيلوات هذا الشهر بـ75 سنتاً، وهو ما يزيد عن ضعف السعر الرسمي المعتمد من قبل الدولة، ومن لا يريد أن يدفع فليتخلى عن الإشتراك، ومن يتخلى عنه، لا يمكنه الحصول على الخدمة من أحد آخر.
هذا الحاكم بأمره، بحسب معلومات “النشرة” التي توردها مصادر من المنطقة، مرتبط بمصالح اقتصادية مع شريك حزبيّ، فتتولى هذه الجهة تبرير تسعيرته بحجة “الاستمرارية”، وتبرئة اسمه في كل مرة يتم التقدم بشكوى عليه لدى المراجع المختصة.
تكشف المصادر أن أجهزة التفتيش في وزارة الإقتصاد زارت الرجل أكثر من مرة، حتى أنها أصدرت بحقه محاضر ضبط لكنها لم تردعه عن فعل ما يريده بتسعيرة المولد، مشيرة الى أن وزارة الاقتصاد لم تعد قادرة على زيارته حتى لان المعنيين فيها يعلمون عدم قدرتهم على مواجهته، لذلك تطلق المصادر الصرخة عبر الإعلام لعل الخجل يركب وجوه المعنيين فيتحركون دفاعاً عن حقوق المواطنين.
وبحسب المصادر فإن السكان الذين اتصلوا بوزارة الاقتصاد، تواصلوا مع مكتب أمني أيضاً في المنطقة، لكنه لم يتحرك لأسباب بقيت مجهولة، علماً أن السكان يتداولون فيما بينهم معلومات عن تورط المسؤول الأمني هذا مع مالك المولّد الذي يُحيط نفسه بمقربين نافذين قادرين على حمايته مقابل البدل الشهري المناسب، لذلك يعمد الى رفع أسعاره الى هذه الدرجة.
لا يُصدر صاحب المولد فواتير للمشتركين، مثله مثل الكثير من أصحاب الإشتراكات في بيروت والمناطق، وبظل تحلّل الدولة، لم يعد هناك مرجعيّات تهتمّ بحقوق المواطن، فتحول أصحاب المصالح الى “حكّام بأمرهم” دون حسيب أو رقيب.