لان فرنسا يعنيها لبنان ويحتل حيزا من وجدانها العاطفي، وبالرغم من مشاكلها الداخلية هذه الايام تستعد لاستقبال مساعدة وزير الخارجية الاميركي باربرا ليف وممثلين عن مصر والاردن وتونس ولبنان في الوقت الذي يلف فيه الغموض في اللقاء الفرنسي السعودي الذي انعقد منذ ايام وشارك فيه عن الجانب السعودي المستشار نزار العلولا والسفير السعودي وليد البخاري، وعن الجانب الفرنسي مستشار الرئيس الفرنسي بشؤون الشرق الادنى باتريك دوريل، ولم تتسرب معلومات عما دار في هذا الاجتماع.
ويقول فريق من اللبنانيين ان الفرنسيين هم جزء من المشكلة السياسية الاقتصادية المالية وجزء من المنظمة السياسية والمصرفية والامنية والقضائية والاقتصادية والثقافية وهي في قلب المجتمع المدني اللبناني بجمعياته وناشطيه ومثقفيه واكادمييه واختصاصييه. وعندما حصل تفجير المرفأ وما رافقه من اختلال هائل للثقة اللبنانية بالنفس، حضر الرئيس الفرنسي ماكرون مرتين ليكون الى جانب اللبنانيين في زمن اليأس وانعدام الثقة بين القادة اللبنانيين.
ولان لبنان اليوم ليس لبنان الامس، لا بل هو اكثر سوءً من اي وقت مضى، تبدو فرنسا اليوم اكثر اهتماما بلبنان، لكن عليها ان تواجه رياح التغيير العاصفة في شرق اوسط جديد يتناغم مع التحولات التي تنادي بعالم يناهض القطب الواحد ويسعى الى عالم متعدد الاقطاب، وكما اظهره استئناف العلاقات الديبلوماسية الايرانية السعودية برعاية صينية تموضعت في بكين وستأتي الموجات التغيرية تباعا، ولا نعتقد ان الساحة ستكون معبدة امام الفرنسيين في سعيهم لاستعادة نفوذهم في لبنان الذي ما زال قسم منه يتعاطف مع الدور الفرنسي “الحنون” بدليل المراوحة في انتخاب رئيس جديد للجمهورية.
وتقول التسريبات ان الفرنسيين يحاولون الاستثمار في الاتفاق السعودي الايراني، ولكن موقف الرياض مازال على حاله من مسألة اختيار رئيس بمواصفات محددة ربما لا تلتقي مع الرغبة الفرنسية لاجراء مقايضة بين رئيس الجمهورية ورئيس الوزراء.
وجديد هذا “الطلق” ان الفرنسيين لا يمكن لهم ان يتحركوا بمعزل عن المزاج الاميركي بدليل ان الاجتماعات التي احتضنتها باريس في شهر شباط الماضي بحضور ممثلين عن الولايات المتحدة والسعودية ومصر وقطر وفرنسا لمناقشة الازمة اللبنانية انتهت الى نتائج متواضعة جدا كحث اللبنانيين على التلاقي والتفاهم فيما بينهم تحت طائلة التهديد بالعقوبات ليس من الولايات المتحدة وحسب بل من الجانب الاوروبي والفرنسي خاصة.ولا تبدو نهاية سعيدة في الافق في ضوء التمسك بالمواصفات التي باتت بحاجة الى اتصالات اكثر.
ونعتقد ان الرئيس نبيه بري بات على علم بهذه التوجهات وهو على بينة ودراية، في حين ان معلومات متداولة للاستحقاق الرئاسي تناهت الى الكتل النيابية حول اقتراب التسوية والى انتخاب الرئيس العتيد الذي لم يُحسم اسمه !!
وبالعودة الى اتفاق استئناف العلاقات السعودية الايرانية وانعكاسها الايجابي على لبنان وغيره سيساهم في تعزيز ركائز الامن والاستقرار في المنطقة وتوطيد التعاون الايجابي البناء الذي سيعود حتما على كافة البلدان العربية عامة وعلى لبنان خاصة الذي يبقى حاجة عربية للسياحة والاصطياف والاستشفاء، على امل ان يُشفى لبنان من طبقته السياسية المتسلطة، ولا نظن ان هذه الطبقة ستعطل ارادة الكبار في المنطقة.
“ذَٰلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ لَمْ يَكُ مُغَيِّرًا نِعْمَةً أَنْعَمَهَا عَلَىٰ قَوْمٍ حَتَّىٰ يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ ۙ وَأَنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (٥٣) الانفال”