اشعل قسم من اللبنانيين ثورة مصطنعة هائجة لان دولة رئيس مجلس الوزراء مدد العمل بالتوقيت الشتوي حتى السبت الاخير من شهر نيسان، لتداخل شهر رمضان بالتوقيت الصيفي، وقد سبق ان اتخذ القرار ذاته الرئيس ميشال عون عندما عُين رئيسا لمجلس الوزراء عام ١٩٨٨ بسبب تلازم تقديم الساعة مع بداية رمضان المبارك، ولم تقم يومها القيامة واستمرت الحياة، خلافا لما جرى اليوم من تحشيد فتنوي لرفض قرار مجلس الوزراء والتمرد عليه.
وقد جرى استثارة عصبيات بعض محطات التلفاز والكنائس المارونية واستلحقت مساء كنائس الروم الارثوذوكس والمدارس !! وفي الجانب الاخر احترام لقرار مجلس الوزراء من عكار الى البقاع الى الجبل الى ببروت الى اقليم الخروب الى اقصى الجنوب.
ومثل هذه الانتفاضة الطائفية على قرار مجلس الوزراء لم تأت من فراغ، بل هي تتمة لطروحات الفيدرالية واللامركزية الادارية وصولا الى ما هو اعظم !!
ومن “محاسن” هذه الانتفاضة انها تقدمت على انتخاب رئيس للجمهورية وبقية الملفات الاقتصادية والمالية الملحة، ووصفت معارضيها بالتخلف والجهل والتموضع في الاماكن الخلفية للتقدم البشري، بينما مضمون هذه الانتفاضة ودوافعها هو التعصب والجهل والقفز في الفراغ وتكرار التجارب الفاشلة على مدار اكثر من قرن !!
ما هي المشكلة ان يقرر دولة رئيس مجلس الوزراء الابقاء على الدوام الشتوي، مراعاة لاكثرية الشعب اللبناني الذي يهتم بالشهر الفضيل باعتباره افضل من الف شهر، ويرى في قيام ثلث الليل على اقل تقدير صلاة وعبادة وطاعة لله تعالى، قبل ان ينطلق الى عمله صباح اليوم التالي ؟
اننا لا نرى في مثل هذه “الحركات” الا حركات انفصالية هي الاكثر تعبيرا عن الرغبات الدفينة، وربما هي توطئة لتجاوز الخطوط الحمر ؟؟؟
وبالدليل والوقائع، ومن خلال الانقسامات السياسية المتواصلة في لبنان، اثبت المسلمون، كل المسلمين، انهم الاصدق والاحرص على اتفاق الطائف وارتضوا المناصفة مع مواطنيهم المسيحيين الذين يتجاوز عددهم ال ٢٣% من اللبنانيين.
ومثل “مراهقة” التوقيت الصيفي واتخاذها سبيلا لتغيير الوطن وتقسيمه لن يكتب لها النجاح لان المسلمين يريدون الشراكة مع مواطنيهم من كل الملل، ولا يفرطون بحبة تراب من وطنهم،”وَمَا يَتَّبِعُ أَكْثَرُهُمْ إِلَّا ظَنًّا ۚ إِنَّ الظَّنَّ لَا يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئًا ۚ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِمَا يَفْعَلُونَ (٣٦ )يونس”
وفي السياق ،كان رد رئيس الحكومة على حملة التحشيد الطائفي التقسيمي غير المبرر والمستحِق، بالعودة الى التوقيت الصيفي ليثبت ان المسلمين في لبنان هم “ام الصبي” وانهم الصدر الاوسع و المعني بلملمة المراهقات التي افرزتها “الهواجس الدفينة” وان حرصهم على تماسك البناء اللبناني واحتضان مكوناته، فيه الكثير من الحكمة وطول الاناة، وترجمة للمثل الشعبي: “الوعاء الكبير يتسع للوعاء الاصغر حجما” وان تقديم الساعة ساعة لا يستحق كل هذه المراهقة غير المحسوبة .