أكد الأمين العام لحزب الله سماحة السيد حسن نصر الله، أن “إسرائيل” سقطت في حفرة عميقة وهي غارقة في الفشل ولم تحقق أيًا من أهدافها المعلنة شبه المعلنة والضمنية في الحرب العدوانية التي تشنها على الشعب الفلسطيني في قطاع غزة منذ مائة يوم.
وشدّد السيد نصر الله على أن كل تطورات المنطقة مرهونة بوقف العدوان على غزة، مشيرًا إلى أن التهديدات الأميركية والصهيونية لا تخيف المقاومة، معتبرًا أن العدو يهددنا بألوية “تعبانة” ومرعوبة ومهزومة، معلنًا أن حزب الله جاهز للحرب منذ 99 يومًا وسيقاتل بلا أسقف وبلا ضوابط وبلا حدود، وبالتالي على الأميركي الذي يدعي الخوف على لبنان أن يخاف على أداته وقاعدته العسكرية في المنطقة “إسرائيل”.
جاء ذلك في سياق الكلمة التي ألقاها في الاحتفال التكريمي الذي أقامه حزب الله اليوم الأحد 14/01/2024، بذكرى استشهاد القائد الجهادي الشهيد على طريق القدس وسام طويل “الحاج جواد” في بلدة خربة سلم الجنوبية.
ونوّه سماحته في مستهل كلمته ببلدة الشهيد “الحاج جواد” خربة سلم “البلدة الطيبة المباركة التي شارك أهلها رجالًا ونساءً وصغارًا وكبارًا في هذا الحراك الإيماني منذ الستينات والسبعينات وصولًا إلى اليوم ببركة علمائها وعلى رأسها سماحة العالم الجليل السيد عبد المحسن فضل الله.. هذه البلدة التحق كثير من شبابها في صفوف المقاومة منذ البدايات فكان منهم القادة والكوادر والمقاتلين والجرحى والأسرى وقضى العشرات منهم شهداء، من الرعيل الأول القائد الشهيد الأستاذ حسن شري وسماحة العزيز الشهيد علي كريّم وعشرات الشهداء الكرام من عائلاتها الشريفة وستبقى هذه البلدة المباركة حصنا من حصون الايمان والجهاد والمقاومة”.
ولفت السيد نصر الله إلى أن الشهيد “الحاج جواد” انضم الى أخويه الشهيدين وإلى ابني أخيه حسين ومحمد، وقال: “نحن هنا أمام نموذج للعائلة المؤمنة المجاهدة المضحية هذا النموذج الذي ربّاه القرآن.. 3 أشقاء اخوة شهداء وحفيدان وما بدّلوا تبديلًا”.
أضاف سماحته: “هذا النموذج يؤشر على مصاديق كثيرة، عائلات كثيرة قدمت ثلاثة أبناء اخوة شهداء وبعض العائلات قدمت أكثر، اخوة وأحفاد وأصهار والملفت في هذه العائلات الشريفة أنها لكم تتوقف ولم تقل حسبنا ما قدمنا من شهداء بل على العكس كانوا دائمًا مستعدين لتقديم المزيد من الشهداء. كذلك العائلات الشريفة التي قدمت شهيدًا أو شهيدين لها أبناء اليوم على جبهات القتال وهم الذين يرسلون أبناءهم الى الخطوط الأمامية”.
ولفت إلى أن هناك الكثير من الرسائل التي تصله بتواقيع الآباء والأمهات تطلب بأن يُسمح لأبنائهم الوحيدين في هذه الدنيا للذهاب إلى الخطوط الأمامية للجبهة، مؤكدًا أن هناك أعدادًا كبيرة من شبابنا يقاتلون منذ 100 يوم في جبهتنا.
ونوّه سماحته بـ”العائلات الصامدة والنازحة حملت بعض أثاثها على أكتافها وتصبر حيث يعزّ على المرء أن يبتعد عن داره وحقله، هذا جزء من التضحيات”، مشيدًا بـ”حالة التكافل في مجتمعنا” حيث الكثير من الأشخاص أمّنوا مئات المنازل للعائلات النازحة الشريفة، داعيًا للتعاون جميعًا لتوفير كل عوامل الصمود في هذه المعركة لأننا لا نعرف مداها الزمني.
وتوقف السيد نصر الله عند مزايا شخصية الشهيد “الحاج جواد” الذي كان عاشقًا للشهادة ووصل إلى ما كان يصبو إليه، وقال: “الشهيد “الحاج جواد” في العام 2006 كان من قادة الميدان وفي سورية كان من القادة في محاربة داعش، وكان أحد القادة الميدانيين في الجبهة منذ 8 تشرين الأول الماضي، وهو جريح لكنه لم يتخل عن الميدان وهو نموذج المؤمن والحاضر دائمًا في الميدان والخلوق والهادئ، وكان دائم الحضور في الميدان ولم يعنه الزمان والمكان وهذا أحد معاني الفناء في أداء التكليف، وهو شهيد على طريق القدس في معركة طوفان الأقصى في شقها اللبناني.
وتابع السيد نصر الله: “مئة يوم وغزّة تقاوم وصامدة بشعبها بشكلٍ أسطوري لم يشهد التاريخ له مثيلاً، والمقاومة الفلسطينية تواصل القتال بشجاعة وتحقق عمليات نوعية ضد الاحتلال، وتواصل تصديها بشكلٍ مُبدع ولإعلامها دورٌ كبير في الاطلاع على بطولاتها في مقابل التكتّم الإسرائيلي”.
وأكد سماحته أن “إسرائيل” غارقة في الفشل وهي في حفرة عميقة بتأكيد محلليها وهي لم تصل إلى أيّ نصرٍ وحتى إلى صورة نصر، ولم تحقق أيًا من أهدافها المعلنة وغير المعلنة وذلك بإجماع الإسرائيليين أنفسهم”.
وأشار إلى أن العدو الصهيوني ما زال يقاتل في خان يونس والوسط من أجل تحصيل إنجاز ما، قبل انتقاله إلى المرحلة الثالثة من الحرب التي سيُعيد فيها انتشار قواته، ولم يتمكن من القضاء على المقاومة ولا حتى على حكومة حماس، ولا تزال كل المناطق التي أخليت من مناطق شمال غزة تديرها حكومة حماس، كذلك لم يتمكن العدو من ايقاف الصـواريخ حتى من شمال غزة ولا من استعادة أسير واحد على قيد الحياة.
وشدّد على أن خسائر الاحتلال تزيد من إرباكه وآخرها الكشف عن 4000 معوّق في صفوف “جيشه” خلال مئة يوم والعدد قد يصل إلى 30 ألفًا، وقال: “عندما تتوقف الحرب سيكون العدو أمام كارثةٍ لحقت بالكيان نتيجة مقاومة غزّة ومن خلفها جبهات المقاومة”.
أضاف: “الخسائر البشرية لدى الاحتلال تتراكم في جبهات غزّة والضفة ولبنان بالإضافة إلى الخسائر الاقتصادية وكلفة النازحين، وما يجري في البحر الأحمر وجه ضربة كبيرة لاقتصاد العدو الذي انكشفت صورته في العالم وهو ما تبدّى في محكمة لاهاي، مشهد كيان الاحتلال في دائرة الاتهام أمام أنظار العالم بناءً على أدلّة دامغة أمرٌ غير مسبوق وأربك كيان الاحتلال”.
وأكد السيد نصر الله أن كيان الاحتلال يعتمّد “نفاقًا أخلاقيًا” أمام العالم من خلال نفيه قيامه بحرب إبادة جماعية في غزّة.
وشدّد على أن التضحيات ودماء المظلومين ليست دماءً تذهب هدرًا، بل تحقق إنجازات لها أساس جوهري على صعيد المنطقة، وهناك المزيد من الخسائر للعدو، وأي أمل لاستعادة الأسرى لدى فصائل المقاومة انتهى وهذا الرأي العام الإسرائيلي المساند للحرب سيبدأ لينحدر. نزولًا
واعتبر السيد نصر الله أن المطالبة الداخلية برحيل رئيس الوزراء الصهيوني بنيامين نتنياهو من علامات الاعتراف بالفشل، وقد بدأ الصوت يرتفع من أجل التفاوض لتبادل الأسرى ولو كان مقابل وقف إطلاق النار ما يعني ضمن شروط المقاومة في غزة. مشيرًا إلى أن الإسرائيليين بات لديهم ثقة بأنّ حكومتهم غير كفؤة ويجب تغييرها وتغيير رئيسها وهذا اعتراف بالفشل.
وقال: “إذا استمرّ المسار الحالي على جبهات غزّة والضفة ولبنان واليمن والعراق فإنّ حكومة العدو ستقبل شروط المقاومة”.
ولفت إلى أن العدو يحاول تسخيف جدوى الجبهات وممارسة الضغوط على لبنان والعراق واليمن وهذا لم يُضغَ إليه وانتهى وسقط. مشيرًا إلى أن من تولى مهمة التهديد والترغيب هم الأميركيون الذين باتوا يُهددون ويهوّلون بالإسرائيليين كما يحصل في لبنان.
وقال: “الأميركيون والعديد من الدول الغربية عملوا على مدى مئة يوم على إسكات الجبهات الأخرى وإخضاعها وإحباطها، والدليل على جدوى جبهات المقاومة هو التهديد والتهويل والترغيب على العراق ولبنان واليمن وسوريا وإيران”.
أضاف: “إن كان (الرئيس الأميركي جو) بايدن ومن معه يظنون أن بالعدوان على اليمن يستطيعون منع اليمنيين فهم جاهلون، وعقلية الاستكبار تجعل منهم حمقى.. ما قام به الأميركي سيؤدي إلى استمرار استهداف السفن الإسرائيلية والذاهبة إلى فلسطين المحتلة”.
وأكد سماحته أن “العدوان الأميركي سيضرّ بأمن الملاحة البحرية في البحر الأحمر الذي سيتحوّل إلى ساحة قتال وهذا غباء بحدٍ ذاته… الحلف هو أميركي بريطاني وأدخلوا دولة عربية هي البحرين، وهنا يجب أن نشيد بموقف علماء البحرين وشعب البحرين الذين أدانوا موقف حكومة آل خليفة”.
وتابع بأن الرد اليمني يقرره اليمنيون ويخطئ بايدن وإدارته في إرسال الرسائل إلى إيران وتهديدها بشأن اليمن.. ما بين اليمنيين ومن اعتدى عليهم “الميدان والأيام والليالي” وسيكتشف الأميركي مدى خطئه.
وقال: “ميزان الحق هو مع اليمن لأنّه مع فلسطين وبيت المقدس والمتخاذلون المثبطون سيخيبون.. ما أعلنته المقاومة الإسلامية في العراق عن استهداف مكان ما في حيفا بصاروخ كروز هو صحيح”.
أضاف بأن الاحتلال تكتّم على الهجوم الذي تعرّض له في حيفا من قبل المقاومة الإسلامية في العراق.. موضحًا أن حجم التكتّم عند العدو ينعكس من خلال عدم اعترافه باستهداف قاعدة ميرون التي استهدفتها المقاومة في لبنان.
وكشف السيد نصر الله أن المقاومة الإسلامية في لبنان أطلقت 62 صاروخًا بينها 40 كاتيوشا و22 كورنيت من المدى الجديد على قاعدة ميرون، مؤكدًا أن 18 صاروخ “كورنيت” من المدى الجديد أصابت قاعدة ميرون، وهناك إصابات بشرية في القاعدة لكن الاحتلال يتكتّم على خسائره، لكن فيديو المقاومة الإسلامية كشف زيف العدو، كما فيديو استهداف قاعدة صفد.
وأكد أن الاحتلال يتكتّم عن قتلاه وجرحاه وخسائره وهزائمه لأنّ ذلك سيؤدي إلى إحباط معنوي كبير باعتراف الإعلام الإسرائيلي.
وأعلن أن المقاومة الإسلامية مستمرة وجبهتها تلحق الخسائر بالعدو وتؤدي إلى ضغط النازحين الذين ارتفع صوتهم.
وقال: “الأميركيون هددوا لبنان بأنّه إذا لم يتم وقف جبهة الجنوب فإنّ “إسرائيل” ستشنّ حرباً على لبنان وأقول أن هذا التهويل لن يجدي نفعًا لا اليوم ولا غدًا ولا في أيّ يومٍ من الأيام.
وسخر السيد نصر الله من التهديدات الأميركية والصهيونية قائلًا: “يهددونا بالألوية “التعبانة” والمرعوبة والمهزومة في شمال غزة فـ”يا أهلًا ومرحبًا”.
أضاف: “الجيش الإسرائيلي حين كان مُعافى وبكامل عتاده تحطّم أمام مقاومينا في حرب تموز، والذي يجب أن يخشى ويخاف من الحرب هو “إسرائيل” وحكومة العدو ومستوطنيه، وليس لبنان.
وتابع: “نحن جاهزون للحرب منذ 99 يومًا ولا نخافها وسنقاتل بلا أسقف وبلا ضوابط وبلا حدود، وعلى الأميركي الذي يدعي الخوف على لبنان أن يخاف على أداته في المنطقة وقاعدته العسكرية.
وأوضح سماحته أن جبهة لبنان وجدت من أجل دعم وإسناد غزّة ووقف العدوان عليها.. وحين يقف العدوان عندئذ لكل حادثٍ حديث.
وشدّد السيد نصر الله على أن كل تطورات المنطقة مرهونة بوقف العدوان على غزة وقال: “أمن البحر الأحمر وهدوء الجبهة مع لبنان والوضع في العراق مرهونٌ بوقف العدوان على غزّة… أوقفوا العدوان على غزّة قبل كل شيء، وبعد ذلك لكلّ حادثٍ حديث”.